ماذا بعد ؟
مضى عام وأتى عام جديد، رحل عنا عام ورحلت معه أيام ولحظات ولن ترجع هذه الأيام واللحظات، رحلت وحملت معها كل فعل فعلته وكل خير قدمته وكل شر ارتكبته، والنتيجة النهائية لهذا العام ماثلة أمامك الآن، ماذا قدمت للناس في هذا العام؟ لم لا تسأل نفسك ماذا حصلت واستفدت أنت من هذا العام؟ حصلت على أموال وممتلكات جديدة.
ماذا بعد؟! دخل إلى جوفي من الأكل والشرب ما لم أتذوق مثله من قبل!
وماذا بعد؟! غيرت مظهري الخارجي فلبست أحسن الثياب وأغلها واشتريت أغلى الأحذية وأجملها واشتريت أنواع العطور ذات الرائجة الزكية وصرت كالملوك في مظهري.
وماذا بعد؟! اشتريت سيارة فخمة جديدة وسريعة، أسابق بها الريح وألفت نظر الناس إلي.
وماذا بعد؟! اشتريت لنفسي أشياء كثيرة، وتعرفت على أناس كثر واستفدت منهم كثيراً.
وماذا بعد؟! . . . . . . . . . . . . . . . . . . . !
وماذا قدمت للناس من خير؟ أنا أعمل موظفاً! !
وماذا يعني أنك تعمل موظفاً؟! لقد قمت بخدمة الناس من خلال وظيفتي؟!
فقط؟! نعم وماذا تريد أكثر من ذلك؟
كم مقالة كتبت؟ لا أجيد كتابة المقالات ثم هل تسمي المقالات خدمة وفائدة للناس؟!
كم كتاب كتبت؟ لا حاجة لي بكتابة الكتب، فالوظيفة خير من الكتب!
كم مشروع خيري يقدم الخير والفائدة للناس قمت به أو اشتركت فيه؟! المشاريع الخيرية كلها كذب في دجل، إنهم يخدعون الناس بها! !
حسناً، كم كتاب قرأت؟ القراءة شيء غير ضروري للحياة، فهل سأحصل على المال من خلال قراءتي؟
هل جلست في مجلس علم، أو محاضرة أو دورة، أو زرت معرضاً أو متحفاً أو تابعت برنامج ثقافي؟ هذا كله كلام فارغ، فإن قمت بكل هذا فلن أجد وقتاً للذهاب إلى المقهى والجلوس مع أصحابي.
ما هي الأخطاء التي حاولت إصلاحها في نفسك؟ أنا لا أخطأ أبداً! !
ما هي طموحاتك وخططك وأهدافك؟ طموح! أفي هذا الزمن طموح وتخطيط! الناس لن يتركوني أخطط وسيسعون بكل وسيلة لإثبات فشلي.
وماذا تسمي وضعك الآن؟ هل أنت ناجح؟! . . . . . . . . . . . . . . . . . . . !
لماذا لا تقول شيئاً؟ الناس لم يتيحوا لي الفرصة لكي أنجح! ثم طموحي أن أتزوج وأربي أبنائي وأتقاعد!
وماذا بعد؟! . . . . . . . . . . . . . . . . . . . !
وماذا بعد؟؟؟ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . !
سأجيبك أنا، وبعد التقاعد تجلس لانتظار الموت، هل هذا صحيح؟ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . !
ماذا قدمت للحياة؟ النتيجة كنت موظفاً، وماذا أخذت من الحياة؟ الشيء الكثير، وبماذا ستخرج من الحياة؟ بعملك فقط، فإن كان خيراً فأبشر بخير وإن كان شراً فلا تلومنّ إلا نفسك!